Dorothy Al Hadath

مؤسسة مهارات: لحماية حرية التعبير والتمسك بالاصول القانونية

يثير السجال الذي رافق قرار قاضي الامور المستعجلة في صور محمد المازح علامات استفهام حول جعل الاعلام وحرية التعبير مكسر عصا في ظل ازمة سياسية واقتصادية حادة تعصف بلبنان، لاسيما في ظل تخبّط موقف الحكومة من هذا القرار. وتتخوّف مؤسسة مهارات من المنحى الممنهج لتقويض حرية الاعلام والتعبير الذي رافق الخطاب العام منذ اشهر. وهي تدعو الى تعزيز الحريات وفصل الاعلام عن تصفية الحسابات في ظل الازمة السياسية والاقتصادية لتمكينه من لعب دوره في استقاء المعلومات واعلام المواطنين وعكس مختلف وجهات النظر والحفاظ على ما تبقى من تنوّع في المشهد الاعلامي. وترى مهارات ان حماية حرية التعبير والاعلام يجب ضمانها في منظومة قانونية جديدة تعزّز الحماية والتداول الحر للمعلومات، وفي قضاء مستقلّ يصون هذه الحريات.

وتعتبر مهارات ان قرار القاضي المازح غير قانوني اذ يتجاوز صلاحياته كقاض للامور المستعجلة ويشكّل مسّ بحرية الاعلام، لاسيما ان زجّ القضاء في تصفية حسابات سياسية تمسّ باستقلاليته المهتزّة اصلا وبالدور الاساسي الذي يجب ان يلعبه في الازمة الحالية في المحاسبة ومكافحة الفساد المستشري، بعيدا عن السياسة. وكان القاضي مازح اصدر قرارا يوم السبت 27 حزيران 2020 قضى بمنع اي وسيلة اعلامية لبنانية او اجنبية تعمل على الاراضي اللبنانية اجراء اي مقابلة او حديث  مع السفيرة الاميركية في لبنان السيدة دوروثي شيا لمدة سنة تحت طائلة الغرامة المالية، على خلفية مقابلة اجرتها عبر "قناة الحدث" العربية.

تذكر مهارات ان الدستور كفل حرّية التعبير والنشر، كما نصت المادة 3 من قانون البث التلفزيوني والاذاعي على ان الإعلام المرئي والمسموع حر، وتمارس حرّية الإعلام في إطار أحكام الدستور والقوانين النافذة. كما اكدت المادة الاولى من قانون المطبوعات على انه لا تقيّد حرية الصحافة إلا في نطاق القوانين العامة وأحكام هذا القانون.

وترى مهارات ان وضع يد قاضي الامور المستعجلة المازح على المسألة المطروحة امامه يقع خارج اطار صلاحياته كقاض للأمور المستعجلة بوصفه قاض مدني ينظر في النزاعات التي تحصل بين اشخاص محددين وتكون لهم الصفة والمصلحة في الادعاء، وان القرارات التي تصدر عنه والتي ترتّب اعباء وموجبات على اطراف ثالثين، وهنا نعني وسائل الاعلام، لا يمكن ان تصدر بصورة رجائية او بموجب أمر على عريضة ومن دون سماع هذا الطرف وحرمانه من حق الدفاع طالما انتفت معايير العجلة الماسة لإتخاذ مثل هذا القرار. وهذ ما اكدته محكمة التمييز في عدة قرارات صادرة عنها (نذكر قرار محكمة التمييز ـ الخامسة رقم 55، تاريخ 28/3/2000).

كما ان هذا القرار القضائي قيّد حرية وسائل الاعلام خارج اطار أي نص قانوني صريح يجيز ذلك، الامر الذي يشكل سابقة خطيرة لناحية تقييد حرية الصحافة والاعلام في نقل ونشر وتداول تصريحات ممثلة دولة اجنبية في لبنان وخصوصا ان القرار جاء مطلقا ليطال جميع وسائل الاعلام لفترة زمنية تصل الى سنة.ان هذا المنع يخرج عن ولاية القاضي المذكور، كون تقييد عمل وسائل الاعلام يخضع حصرا لقانون البث التلفزيوني والاذاعي رقم 382 الصادر في 4/11/1994 وقانون المطبوعات للعام 1962 او اي قانون خاص آخر يسن لهذا الغرض.

فالمؤسسات التلفزيونية والإذاعية ملزمة بالتقيّد بشروط الترخيص وبالأحكام القانونية النافذة. وتخضع حصرا لناحية برامجها وما تبثه من مواد اعلامية لسلطة ورقابة لاحقة يمارسها المجلس الوطني للإعلام ووزير الاعلام ومجلس الوزراء وفقا لآلية محددة في ذلك القانون تتيح فقط لوزير الاعلام أن يوقف المؤسسة عن البثّ لمدة أقصاها ثلاثة أيام، وفي حال المخالفة الثانية لمجلس الوزراء أن يوقف المؤسسة عن البث لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام ولا تزيد عن شهر.اما لناحية الجرائم التي ترتكب بواسطة وسائل الاعلام فهي تخضع لأحكام قانون العقوبات وقانون المطبوعات.

تشدد مهارات ان لا ديمقراطية من دون اعلام حر، وان ميزة لبنان الرئيسية هي الحرّية التي تتجلّى في حرّية وسائل الاعلام والاتصال. وقد نصّت احكام الدستور على حماية هذه الحرّية، برعاية القضاء الذي يحكم بموجب الدستور والقوانين.لذلك تطلب مهارات من السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الحفاظ على هذه الحرّية والدفاع عنها، وفقا لمعايير حرية الاعلام والتعبير.