1eae3168-34fb-422d-89f6-79d5a2a27d06.JPG

كيف يمكن مطابقة جودة المحتوى الإعلامي مع متطلبات شركات الاعلانات؟

في الجلسة السادسة من اليوم الثاني للمؤتمر الدولي "ديمومة الإعلام الرقمي: مقاربات من الشرق الأوسط والعالم" لعام 2016، من تنظيم مؤسسة "مهارات" وأكاديميّة "دوتشيه فيلليه"، في الكراون بلازا بالحمراء، فتح النقاش حول "كيفية مطابقة جودة المضمون الإعلامي مع متطلبات شركات الاعلانات لانتشار أوسع؟".

الانطلاقة كانت مع مسألة طلب شركات الاعلانات من المؤسسات الاعلامية انتاج محتوى خفيف لجذب انتباه القرّاء، وحاول المشاركون الإجابة عن الأسئلة التالية: كيف يمكن للمؤسسات الاعلامية التي تركز على جودة المضمون ان تتماشى مع التوجهات نحو محتوى اقل جودة ومسلٍّ؟ وكيف يمكن للمؤسسات الاعلامية تقديم مقترحات مبنية على جودة المضمون لشركات الاعلانات؟.

يسّرت الجلسة ليال بهنام، مديرة البرامج في مؤسسة "مهارات" في لبنان، وتحدّث فيها عدد من العاملين في المجال الإعلامي في لبنان والعالم العربي وألمانيا، حول كيفية مطابقة المحتوى ذي الجودة مع توجهات المعلنين وطلباتهم.

أبي صعب

تحدث بداية، بيار أبي صعب، صحافي وناقد ونائب رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" اللبنانية، عن التحديات التي تواجهها صحيفته في انتقالها إلى الموقع الإلكتروني، قال: "عند الحديث عن محتوى جيّد ندخل منطقة ملتبسة من حيث التعريف، وعن فكرة المبيع وتحقيق المهنة أعطى مثالا عن العقد الفاوستي - الشيطاني بين الصحافي والمعلن والأهم أن يبقى الصحافي قادراً على إبداء رأيه". وتطرق إلى تجربة المياومين وصحيفة "الأخبار".

واعتبر أن موقع صحيفة "الأخبار" كان "في عام 2006 موقعاً رائداً عند انطلاقته، وتوسّع جمهوره. نحن نعتبر أن الفضاء الافتراضي هو فضاء حرّ، لكن ثمة حسابات أخرى مثل حذف موقع "فايسبوك" لصفحة قناة "المنار" أو للآراء المناهضة لإسرائيل". وسأل "أين تدخل هنا الرقابة؟". ثم تطرق الى الصراع بين المعلن الذي يهتم بالمبيع وبين الصحافي، حيث تمّت وفق تعبيره "التضحية بالمحتوى الجيّد على حساب المبيع والرواج والنجاح". ورأى "أنه ثمة كباش مع المعلن إذ نحتاج لبعضنا. فالمعادلة معقدة وصعبة خصوصاً أنه يسهل التلاعب بالرأي العام في منطقتنا". وشدّد على أهمية الأخلاق والعمل وفق الشرعة الأخلاقية للمهنة.

وأضاف أبي صعب "إننا في العالم العربي متأخرون في فتح النقاشات حول المحتوى الجيد، وعلينا التوفيق بين ما نريد أن نوصله للجمهور والمتطلبات المتنوعة لهذا الجمهور مع الحفاظ على المعلنين". وعن تطوير المحتوى في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الصحف اعتبر "أن المسألة ستأخذ وقتاً لكن ستمنع نمو الطفيليات في المهنة وستُجبر المؤسسات على اعتماد السياسيات العقلانية اقتصادياً على عكس ما بدأته بتوظيف أعداد كبيرة من الصحافيين"، وأعرب عن تعاطفه مع المصروفين ومع أزمة المهنة.

الجمري

من جانبه اعتبر منصور الجمري، رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "الوسط" في البحرين، أنه "ثمة نموذجان للمحتوى مثل "بي بي سي" و"دوتشيه فيلليه"، مشكلتنا نحن أننا نريد المال كي ندفع للموظفين، المحتوى الجيد يحتاج الكثير من الوقت والتدقيق، تحت الضغط ولزيادة حركة المرور لوسيلتك تلجأ إلى المحتوى السهل". وعرض لأمثلة عن أخبار نشروها، سماها "تافهة" لكنها حققت نسبة مشاهدة مرتفعة خارج البحرين.

خضر

أما دميتري خضر، المدير العام لتلفزيون "الجديد" في لبنان، فتطرّق الى مسألة النسخ بين المواقع حتى على خبر كاذب او متدني القيمة، واعتبر أن هكذا أخبار لا تحقق جمع الأموال على عكس ما هو رائج، وقال "لنكرر السؤال حول طبيعة مهنتنا كصحافيين ومن هو مديري هل رئيس مجلس الادارة او الجمهور؟ فإذا كان الأخير علي أن اقدم الأخبار التي تخدم ما يريده اذا اعتبرته انه مموّلي".

ورأى "أن الموديل الحديث اليوم يعتمد على المحتوى الذي يمكن بيعه"، وأعلن أنه "ثمة صراع حقيقي داخل مؤسستي بين المعلن والإدارة والصحافيين لأنها غير مرتكزة على القواد التجارية وفيها قيمة معنوية للعمل الصحافي".

ترزكا

من جهته أكد بيتر ترزكا، مخطط استراتيجي للمحتوى الرقمي في ألمانيا، أنه "لا يمكن تحديد كلمة جيد لأن المفهوم يختلف بين الأشخاص، ثمة  ركائز للصحافيين ودور النشر: ما هو الخط الذي أتبعه وما هي مجالات خبرتي، ما هو الجمهور وهو غير موجود بشكل ثابت بل يتحرك بحسب اهتامامته ووقته".

أضاف "ربما يودّ الجمهور مشاهدة فيديوات مضحكة عن القطط، نحن كصحافيين علينا الا ننظر فقط إلى ما يريده الجمهور بل الى اخلاقياتنا. يمكنه= الجمهور البحث عن هكذا فيديوات في مكان آخر مثل غوغل". وتابع "علينا أن نسأل ما الذي يريه المعلنون؟ أن يبيعوا منتجا ما، لكن المعلن يحبث عن موقع يقدّم المحتوى الجيّد موثوق من القراء".  وأعطى مثالاً، قال "إن شركة "مرسيديس بينز" لن تضع إعلانا على موقع يضع فيديوات عن القطط، ربما تقوم بذلك شركة تبيع مأكولات مخصصة للهررة". ودلّل على أهمية الهدف الذي تودّ المؤسسات الإعلامية تحقيقه وأي نوعية من المعلنين تريد التعامل معها، وأعلن "أنه في ألمانيا خسرنا المعلنين لفترة في الصحيفة التي أعمل فيها، بسبب قرار اتخذته ادارة التحرير للحفاظ على الجودة، لكن المعلنين عادوا الينا لاحقا لأننا صحيفة برهنت أنها جدّية".

وختم "إن لم تحاول الصحف، أن تقع ثم تقف، وأن تبحث عن افكار جديدة وتكرّر المحاولة بنفسها حتى تحقّق تجربتها الخاصة. إذا لم تفعل ذلك فإنها لن تصل إلى تحقيق استمراريتها"، معتبراً أنه يمكن الإفادة من تجارب الآخرين لكنها تبقى تجاربهم الخاصة.